خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 21 رجب 1445هـ ، الموافق 2 فبراير 2024 م .
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة .
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محروس حفظي :
(1) عقبُ المحنِ تأتِي المنحُ.
(2) إثباتُ قدرةِ اللهِ – عزَّ وجلَّ – وأنَّهُ لا يُعجزُهُ شيء.
(3) بناءُ الرجالِ، والرجالُ لا يمكنُ بناؤهّم إلّا مِن خلالِ المواقفِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
«مِن دُروسِ الإسراءِ والمعراجِ “الفرجُ بعدَ الشدةِ”»
بتاريخ 21 رجب 1445 هـ = الموافق 2 فبراير 2024 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ،،،
العاقلُ الفَطِنُ هو مَن يعتبرُ بالمواقفِ التي تجرِي حولَهُ، والأحداثِ والمشاهدِ التي تقعُ خلفَهُ؛ فينظرَ الخيرَ فيأتيهِ، ويحذرَ الشرَّ فيتجنبَهُ؛ لئلّا يكونَ عبرةً ومحلَّ سخريةٍ مِن غيرِه، «فالسعيدُ مَن اتعظَ بغيرِهِ، والشقيُّ مَن وُعظَ بهِ غيرُهُ»، وقد حوىَ حادثُ «الإسراءِ والمعراجِ» الكثيرَ مِن العِبرِ والفوائدِ التي لا يُحصيهَا عدٌّ، ولا يحويهَا قلمٌ ومدٌّ، وها أنَا أقتطفُ مِن ثمارِهَا وأريجِ أزهارِهَا كي تنيرَ حياتنَا، وننتفعَ بدروسِهَا، ونُحَيّيِ بهَا ما اندرسَ في نفوسِنَا، علّنَا نفوزُ في آخرتِنَا:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
(1) عقبُ المحنِ تأتِي المنحُ:
لم يجدْ رسولُنَا ﷺ في مكةَ – بعدَ موتِ زوجهِ ورفيقةِ دربهِ خديجةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، وعمهِ أبي طالبٍ – آذانًا صاغيةً، وقلوبًا واعيةً فاضطرَّ للخروجِ إلى الطائفِ كي يعرضَ دعوتَهُ على أهلِ ثقيفٍ، لكنْ لم يلقَ منهم استجابةً، بل آذُوهُ ونالُوا منه، وأغرُوا به سفهاءَهُم وعبيدَهُم يرمونَهُ بالحجارةِ حتى دميتْ قدماهُ الشريفتان، فينصرفُ مهمومًا حزينًا على عدمِ إيمانِ هؤلاءِ، فإذا بهِ يجدُ نفسَهُ في «قرنِ الثعالبِ»، فأخذَ يُناجِي ربَّهُ، ويتضرعُ إليهِ مبتهلًا قائلًا: «اللَّهُمّ إلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سُخْطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِكَ» (دلائل النبوة، وأحمد)، ثم يعودُ إلى مكةَ في جوارِ «الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِي»، وفي ظلِّ هذه الأجواءِ الكالحةِ، والظروفِ المظلمةِ، والمحنِ المتعاقبةِ، تأتِي المنحُ الإلهيةُ بدعوةِ سيدِ البريةِ للقاءِ الذاتِ العليةِ، فيسليهِ ربُّنِا، ويثبتهُ على الحقِّ، فيمنُّ عليهِ برحلةٍ لم ينلْ شرفَهِا قبلَهّ لا نبيٌّ مرسلٌ ولا ملَكٌ مقربٌ ألَا وهي رحلةُ «الإسراءِ والمعراجِ»، وهكذا لطفُ اللهِ بعبادِه، ورحمتُهُ بأوليائِه، وعنايتُهُ بخلقِهِ، فالإنسانُ مهمَا اشتدتْ عليهِ خطوبُ الحياةِ، وضاقتْ عليهِ سبلُ النجاةِ، لا سبيلَ سوى الاعتصامِ باللهِ عزّ وجلّ، ورفعِ أكفِّ الضراعةِ إلى مولاهُ، لعلَّهُ ينجيه مِن بلواهّ، ويكشفُ عن كرباهُ، ويذهبُ عنه همّهّ وغمّهُ، فعَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» (أبو داود والترمذي)، فمَا على المسلمِ إلّا أنْ يصبرَ، ويأخذَ بالأسبابَ، ويتوكلَ على ربِّه، ويوقنَ بأنَّ فرجَهُ آتٍ لا محالةَ، وأنّ نصرَهُ قريبٌ لا مريةَ فيهِ، وقد قال ربُّنَا في محكمِ كتابِه: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾، وقد كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلى أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قائلًا: «فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلْ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .
وإذا كان اللهُ معكَ فلا عليك بعدَ ذلك بمَن عليكَ أو معكَ، وإذا كنتَ مع اللهِ انضبطَ أمرُ سلوكِك واتَّزَنتْ أمورُ حياتِك، عندما تضيقُ بك السبلُ، وتنسدُ في وجهِكَ الأبوابُ، ويهجرُكَ الصديقُ والحبيبُ، اقرعْ بابَ مولاكَ تجدْهُ أقربَ إليكَ مِن حبلِ الوريدِ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، وهناك حقيقةٌ علميةٌ هى أنَّ الإنسانَ كلّمَا كان في حالةِ خشوعٍ فإنّ الموجاتِ الكهرومغناطيسيةَ التي يصدرُهَا الدماغُ تصبحُ أقلَّ ذبذبةٍ، وهذا يريحُ الدماغَ ويقويه، وصدقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قالَ: «يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ، وَأَرِحْنَا بِهَا»؛ ولذا فرضَهَا اللهُ على خلقِه مِن فوقِ سبعِ سمواتٍ بدونِ واسطةٍ ليلةَ المعراجِ؛ تعظيمًا لأمرِهَا، ولأنّهَا معراجُ المؤمنِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
(2) إثباتُ قدرةِ اللهِ – عزّ وجلّ – وأنٍّه لا يُعجزهُ شيء:
إنَّ الإيمانَ بمعجزةِ الإسراءِ والمعراجِ جزءٌ لا يتجزأُ مِن عقيدةِ المسلمِ؛ إذ أيّدَ اللهُ بها نبيِّهّ ﷺ ، وثبتَ بهَا فؤادَهُ، ونصرَهُ على مِن كذَّبَهُ، وقد سمَّى اللهُ إحدَى سورِ القرآنِ الكريمِ ب «الإسراء»، وافتتحَهِا بقولٍه: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وأسلوبُ التعجبِ هذا يدلُّكَ على عجائبِ ما رأهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى عظمِ تلك الرحلةِ، والدقةِ الفائقةِ في التسميةِ؛ لأنَّ الإسراءَ هو السفرُ بالليلِ، والمعراجَ هو الصعودُ في السماءِ، والعلومُ الحديثةُ تثبتُ أنَّ جميعَ صورِ المادةِ والطاقةِ لا يمكنُهَا التحركَ في السماءِ إلّا في خطوطٍ متعرجةٍ وذلك لتباينِ جذبِ الأجرامِ السماويةِ المختلفةِ لهَا، ومِن هنا يصفُ القرآنُ الكريمُ الحركةَ في السماءِ بتعبيرِ العروجِ؛ ولذا جمهورُ العلماءِ قديمًا وحديثًا على أنَّ «الإسراءَ والمعراجَ» قد وقعَا بالروحِ والجسدِ معًا حسبمَا دلَّ عليهِ قولُهُ: ﴿أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ﴾، وإلّا فمَا وجهُ الإعجازِ إذا كان ذلك بالروحِ لا بالجسدِ؟، وإذا كانتْ مجردَ رؤيَا رأهَا فلِمَا أخبرَ بهَا قومَهُ، والحقائقُ العلميةُ تشيرُ أنَّ القوةَ تتناسبُ تناسبًا عكسيًّا مع الزمنِ، فكلمَا زادتْ القوةُ قلَّ الزمنُ، فكيف إذا كانت القوةُ هنا هي قوةُ الحقِّ سبحانَهُ التي تتاطيشُ معهَا كلُّ القوىَ والقُدرِ؟ قالَ تعالَى: ﴿اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾، وإذا كان الإنسانُ في هذا العصرِ بعلمِه وقدرتِه المحدودتين أمكنَهُ مِن خلالِ المخترعاتِ والمكتشفاتِ الحديثةِ اختراقَ حجبِ الأرضِ، وغزوَ السماءِ وهو المخلوقُ الضعيفُ، فكيف يستبعدُ عن الخالقِ – جلّ وعلا – أنْ يسريَ بمصطفاهُ وحبيبِهِ؛ إذ المعجزةُ لا تخضعُ لقوانينِ الكونِ إنَّما هي استثناءٌ، وقدرةٌ صالحةٌ لإحداثِ تلك المعجزةِ كما قال ربُّنَا: ﴿إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ولذا كان التعبيرُ ب ﴿لَيْلًا﴾ بلفظِ التنكيرٍ الدالِّ على تقليلِ مدةِ السيرِ الصادقةِ بأقلِّ جزءٍ مِن الليلِ الذي هو وقتُ الخلوةِ والصفاءِ، ووقتُ الاختصاصِ لأهلِ المودةِ والمحبةِ، وللهِ درُّ أحمدَ شوقِي حيثُ قالَ:
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ … وَالرُسلُ فى المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفوا بِسَيِّدِهِم… كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذى خَطَرٍ… وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم… عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
رَكُوبَةٍ لكَ مِنْ عِزٍّ وَمِنْ شَرَفٍ … لا في الجِيَادِ ولاَ في الأيْنُقِ الرُّسُمِ
مَشيئَةُ الخالقِ الباري وَصَنْعَتُهُ … وقُدْرَةُ اللهِ فَوقَ الشَّكِ والتُّهَمِ
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها… عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
فلا يستغربنَّ العاقلُ البصيرُ حادثَ “الإسراءِ”؛ لأنَّ اللهَ قد أسندَ وقوعَهُ إلى ذاتِهِ المقدسةِ؛ إذ العروجُ برسولِ اللهِ ﷺ دونَ أيةِ واسطةٍ ماديةٍ أو أيةِ حمايةٍ مِن المخاطرِ التي يتعرضُ لهَا روادُ الفضاءِ في العصرِ الحديثِ يفوقُ كلَّ تصورٍ مِمّا يؤكدُ عظمةَ هذه المعجزةِ حيثُ أثبتَ العلمُ أيضًا أنَّ الإنسانَ كلّمَا صعدَ في السماءِ قلَّ الأكسجينُ فيُصابُ بالاختناقِ ومِن ثمَّ الموتُ المحتومُ، وصدقَ ربُّنَا حيثُ قالَ: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ﴾، وكأنَّ اللهَ يريدُ أنْ يقولَ لنَا: “ما دامَ الأمرُ أُسندَ إليَّ فلا تقلْ كيفَ كان، ولا لِمَ كان، ولا بأيِّ وسيلةٍ كان، فهو القادرُ على تغييرِ حالِ العبدِ مِن حالٍ إلى آخرٍ.
كما نزلَ الرسولُ ﷺ ليلةَ الإسراءِ في خمسةِ أماكن، طلبَ منهُ جبريلُ – عليهِ السلامُ – أنْ يُصلِّي فيها، ذكرَهَا البزارُ والطبرانيُّ والبيهقيُّ والقسطلانيُّ وبرهانُ الدينِ الحلبِي والنبهانيُّ بإسنادٍ صحيحٍ كما نصَّ على ذلك الإمامُ البيهقيُّ هي: (يثربُ، مدينُ، طورُ سيناءَ، بيتُ لحمٍ، قبرُ موسَى عليهِ السلامُ) .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 2 فبراير 2024 م بعنوان : من دروس الإسراء والمعراج الفرج بعد الشدة
(3) بناءُ الرجالِ، والرجالُ لا يمكنُ بناؤهُم إلّا مِن خلالِ المواقفِ:
عندمَا أخبرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمرِ الإسراءِ والمعراجِ طفقَ قومُهُ بينَ مصفقٍ وبينَ واضعٍ يدَهُ على رأسهِ تعجبًا؛ إذ الأمرُ يحتاجُ إلى يقينٍ بقدرةِ ربِّ العالمين، وحسنِ صدقٍ بسيّدِ العالمين، فالشدةُ تفرزُ معادنَ الرجالِ، فكما كشفَ الإسراءُ المنافقين، أفرزَ أيضًا رجالًا مِن المتقين كأبِي بكرٍ الصديقِ: فقدْ «أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانُوا آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَسَعَوْا بِذَلِكَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ فِي اللَّيْلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قال: أو قال ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا وَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، قَالَ: نَعَمْ إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ: أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ»، إنَّه إيمانٌ ثابتٌ لا تزعزهُ زخارفُ الحياةِ، ولا تقلبهُ رياحُ المصلحةِ، ولا تثنيهِ المنفعةُ، فما أحوجنَا إليهِ في زمنٍ عزَّ فيهِ الصديقُ، وندرَ فيهِ الحبيبُ، وصدقَ الإمامُ الشافعيُّ:
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ … وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن … عرفتُ بها عدوّي من صديقي
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الأمنَ والأمانَ، والسلمَ والسلامَ، وحسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَ نبيِّكَ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ﷺ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف